نهرية .. رابح التيجاني
ممتشق الوقوف على حافة الأيام الوقوف على حافة الأيام ونهر من الأمس ينز ذكريات راعش الوجه يلم وجهه سرا ويغشاني يضمني جمارا ماارتوى أوارها ولا اهتدى شرارها للغابة المسكونة قرا وريحا واشتعال أعين بالوهم الحلم البعيد ... نهر من الأمس يلفني تابوتا ملغوما ويعدو بي لرمس في الفراغ العدم يزرعني منتصبا بين الشجر الضحك أعجازا خاوية هياكل يستمطر لي الرحمة ويرحل عني سخي الشجن الدمع الحزن الندب كالدنيا التي أعرفها وتعرفني يبكي بكاء الناس كل الناس ويمضي .أنا الآن بدنياي على كفي أراوغ المتاريس أغتال المسافات أتمسك بالنهر يبيع السكر للملح يهديني لهوس المد والجزر فأرتاح لا أرتاح قطارا يرج العتمة والنور والناس جميع الناس. أنهار من الأمس من الأيام تمشي والسحاب في السماوات مرايا تنضح مسخا يظلل سمات الدرب وملامح الأطفال أشتاتا يعضون الدموع يحصدونها أملا باقة بلور ويقتلعون الأرض من الأرض يشحنونها من جيوب الافتقار الخالد في جنة الدنيا السراب آه و آه نهر من الأمس يسير بوقار في زقاق ذاكرتي يسكر وجدان أقداحي ويلقيها على الطوار فارسا بلا فرس خشبي النظرات طافيا فوق قمم الطوفان طافيا مرتفع للأسفل منحدرا للذروة يجري بعمق المقبرة والنهايات في مسالك يغتالها الصمت البهيم وأنا فوق الجسور أعبر جسرا فجسرا أعبر ماش وماش ومضة ثلج غلالة من الرماد ليست تتبخر وليست تدخل بوابة الماء.من الحياة أسخر بموتي ومن الموت أسخر بحياتي. أواه من حرائقي التي تلتهم حرائقي التي تتطحلب عبر أضلع زنازن حلمي البعيد حلمي الملتهب فوق أظافر يدي تغزو الجدار الفالصل بيني وبين ماهناك ماهنا أحترق عشقا وأكفان الأوراق أمامي شاهدة باردة ساخنة حاضنة جثة بوذا وأنبياء أنبياء شعراء يدورون بالأرض حزاما ومواويل سلام.نهر من الأمس وأحباب لنا غرقى غدا.آه سلام . نهر من الأمس وأأحباب لنا غرقى غدا،آه من الصهد من البرد وإنني يا أنهار هذا العالم أبحرت في يم همومي بسمة جذلى وثكلى فامنحيني قلعة قبر مطلة حناياه على الأجيال وقوس قزح والندى أركبها سفينة مجدافها الورد والشعر الاشتياق...أواه هذا النهر ينساب فأرى في مداه ما أرى ماض وآت ومواكب جنازتي ميلادي على الماء تبلل الحناجر حناجري تشدني للجزر وترخي قاربي تابوتي للمد والريح الريح أواه يانهر علمني كيف أزحف لا أرجع أمشي أظل أمشي علمني كيف يموج الصوت في القفر وينداح صدى لا ينتهي علمني كيف يغوص النهر في البحر يدغدغ التضاريس تتطاير الأبعاد أبعادا شظايا ضحكات وعناق علمني فإن ما بالجوف من ماء من نار قد حاصرني وإنني من قمة الأحزان المهترئة حزنا أرمي جثماني إليك أجتاز تخوم العذابات وأدنو لحظة فلحظة من المدائن ... مدائن غدي.
قصيدة نهرية تعتمد تفعيلة مستفعلن
نشرت بالملحق الثقافي لجريدة العلم
1980